الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
55 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: عن نصاب الذهب والفضة، ومقدار صاع النبي صلى الله عليه وسلم بالكيلو؟ فأجاب فضيلته بقوله: نصاب الذهب عشرون مثقالاً، ويساوي بالجرام خمسة وثمانين جراماً. أما نصاب الفضة فهو مئة وأربعون مثقالاً، ويساوي بدراهم الفضة السعودية ستة وخمسين ريالاً. وأما مقدار صاع النبي صلى الله عليه وسلم بالكيلو فهو كيلوان وأربعون غراماً من البر الرزين. * * * 65 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: كم يساوي ربع الدينار من الذهب، أو ثلاثة الدراهم من الفضة بالنسبة للعملة السعودية؟ فأجاب فضيلته بقوله: الدينار الإسلامي زنته مثقال من الذهب، والجنية السعودي زنته مثقالان إلا ربعاً، فيكون ربع الدينار سبع جنيه سعودي. والدرهم الإسلامي سبعة أعشار مثقال، والريال السعودي مثقالان وربع صافياً، فتكون ثلاثة الدراهم ريالاً سعوديًّا إلا عشر مثقال ونصف العشر. * * * رسالة بسم الله الرحمن الرحيم من محمد الصالح العثيمين إلى الأخ المكرم.... حفظه الله ووفقه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتابكم الكريم المؤرخ 21 الجاري وصل، سرنا صحتكم، الحمد لله على ذلك، نشكركم على التهنئة بهذا الشهر المبارك، ونسأل الله تعالى أن يجزيكم عنا خيراً، وأن يعين الجميع على عبادته، ويتقبل ذلك بمنه وكرمه. سؤالكم عن تحرير عشرين مثقال الذهب، وكم قدرها من الجنيه، فهي أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع جنيه بالتحرير. وعن دم ترك طواف الوداع فإنه يذبح بمكة، ويفرق على فقراء الحرم كله، ولا يؤكل منه شيء. وعن المداينة بالصفة التي ذكرت، فنحن نرى أنها لا تحل للجميع على هذا الوجه، وإنها حيلة وخداع لا تخفى على رب العالمين، بل ولا على أبسط خلق الله، بل المتعاقدان أنفسهما يعرفان أن هذا البيع صوري لا حقيقة له، فليس للمستدين غرض بالسلعة التي اشتراها من المعزب، بدليل أنه لا يقلبها، ولا يسأل عنها سؤال من له غرض فيها، وشراؤه مشترى حقيقي، وإني أعتقد بناء على عملهم هذا أن صاحب الدكان لو أتى بأكياس من الرمل ووضعها في دكانه وقال لهم: هذا سكر. لعقدوا عليه هذه الصفة ومسحوه بأيديهم، وانتهى كل شيء فأي تلاعب بدين الله أبلغ من هذا التلاعب. والله يحفظكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 31/9/6831هـ. 75 سئل فضيلة الشيخ رحمه الله تعالى : قلتم: إن نصاب الذهب أحد عشر وثلاثة أسباع، لكن لا أعرف كم يساوي هذا بالنقود؟ فأجاب فضيلته بقوله: الرجل يسأل يقول: إن نصاب الذهب أحد عشر جنيهاً وثلاثة أسباع، ولكن لا أدري ماذايساوي بالنقود. نقول: إن هذا النصاب إذا عرفته فإنه يختلف من سنة إلى أخرى، إذا زاد الذهب ارتفعت العروض، وإذا نقص الذهب انخفض سعره، ولا يمكن أن يحدد هذا بالنقود،والنقود تبع للقيمة وقت وجوب الزكاة، فإذا قدر أن هذاالذهب اشتري بمائة ألف مثلاً، وصار عند وجوب الزكاة لا يساوي إلا خمسين ألفاً فزكاته زكاة خمسين ألفاً، وإذا كاناشتري بخمسين ألفاً فصار عند وجوب الزكاة يساوي مائة ألف وجـب أن يزكى زكاة مائة ألف، وزكاة الدراهم معلومة للجميع أنها ربع العشر، يعني اثنين ونصف بالمائة، أو خمسة وعشرين بالألف. * * * 85 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: إذا كان مع ذهب ألماس ونحوه فكيف تقدر زكاته؟ فأجاب فضيلته بقوله: يقدر ذلك أهل الخبرة فيذهب بها إلى تجار الذهب أو الصاغة، لينظروا هل يبلغ الذهب النصاب أو لا يبلغ؟ فإن لم يبلغ النصاب فلا زكاة فيه إلا أن يكون عندها من الذهب ما يكمل به النصاب، وتقدر قيمة الذهب الذي مع الماس، ثم تخرج زكاته وهي ربع العشر. * * * 95 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما حكم اقتناء المجوهرات مثل الألماس؟ وهل تجب فيها الزكاة؟ وهل يعتبر حكم الألماس حكم الذهب والفضة؟ فأجاب فضيلته بقوله: اقتناء المجوهرات لاستعمالها جائز بشرط ألا يصل إلى حد الإسراف، فإن وصل إلى حد الإسراف كان ممنوعاً بمقتضى القاعدة العامة التي تحرم الإسراف، وهو مجاوزة الحد لقول الله تعالى: * * * 06 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: يقول بعض الناس: إن تقدير نصاب الفضة كان في زمن يتغير عن هذا الوقت بقلة المال، وأنه يجب أن يقدر بما يناسب هذا الوقت فما قولكم؟ فأجاب فضيلته بقوله: قول بعض الناس: إن تقدير نصاب الفضة كان في زمن يتغير عن هذا الوقت بقلة المال، وأنه يجب أن يقدر بما يناسب هذا الوقت. جوابه: أن هذا قول باطل، فإن الأمور المقدرة بالشرع لا مجال للرأي فيها، ولا تتغير بتغير الزمان والأحوال؛ لأن ذلك يفضي إلى تغير الشرع بتغير الزمان والأحوال، فلا تكون الملة واحدة ولا الأمة متفقة، ويكون لكل عصر شريعة ولكل قوم ملة. ثم إن تقدير أنصباء الزكاة كان في السنة الثانية من الهجرة، وقد كثرت الأموال بعد ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم، ولم يغير الرسول صلى الله عليه وسلم ولا خلفاؤه الراشدون ـ رضي الله عنهم ـ ولا أئمة المسلمين وعلماؤهم ـ رحمهم الله ـ هذا التقدير من أجل كثرة المال وقلة هذا النصاب بالنسبة لكثرة المال. ثم إذا قلنا بتغيير هذا التقدير لكثرة المال لزم أن نقول بتغييره أيضاً إذا قل المال. ثم لو قلنا بتغيير تقدير النصاب بحسب مستوى المعيشة لجاز أن نقول بتغيير تقدير الواجب، فإذا كان الواجب في الذهب والفضة وعروض التجارة ربع العشر في مثل مستوى المعيشة عند تقديره، لزم أن يزيد أو ينقص بحسب حال مستوى المعيشة، فترفع النسبة عند كثرة المستحقين، وتخفض عند قلتهم، وهذا لا يمكن لأحد أن يقول به. وأما كون نصاب الفضة وهو ما يساوي وزن ستة وخمسين ريالاً قد ارتفعت قيمته بالنسبة للعملة الورقية، فهنا قد نقول بأن النصاب من الأوراق المالية هو ما يساوي قيمة ستة وخمسين ريالاً من الفضة بناء على ما ذهب إليه جمهور العلماء من أن نصاب الفضة مقدر بالوزن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة". والورق ـ الفضة ـ ولكن الاحتياط أن نقول للبدل حكم المبدل، وإن نصاب الأوراق المالية ست وخمسون ورقة، بناء على أن كل ورقة تقابل ريالاً من الفضة حسب وضع الحكومة في كل زمن بحسبه. * * * 16 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: إذا كانت زوجة وبناتها، ومعهن حلي، ولكن حلي كل واحدة منهن لا يبلغ النصاب، فهل يجمع كله ويدفع زكاته؟ فأجاب فضيلته بقوله: هذه امرأة عندها حلي لا يبلغ النصاب، مثلاً عندها حلي وزنه عشرة جنيهات، ولها بنات لهن حلي، لكن حلي كل واحدة لا يبلغ النصاب أيضاً تسأل: هل يجب أن يجمع حلي البنات مع حلي الأم وتخرج الزكاة؟ نقول: لا يجب، لأن مال كل إنسان يخصه، إلا إذا كان الحلي الذي على البنات ملك للأم أعطته البنات على سبيل العارية فإنه يضم إلى حلي المرأة، وأما إذا كان الحلي الذي على البنات لهن، فإن مال كل واحد يخصه ولا يكمل نصاب مال إنسان بمال إنسان آخر. * * * 26 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما حكم لبس دبلة الزواج الفضية للرجال، أي لبسها في الأصبع؟ فأجاب فضيلته بقوله: لبس الدبلة للرجال أو النساء من الأمور المبتدعة، وربما تكون من الأمور المحرمة، ذلك لأن بعض الناس يعتقدون أن الدبلة سبب لبقاء المودة بين الزوج والزوجة، ولهذا يذكر لنا أن بعضهم يكتب على دبلته اسم زوجته، وتكتب على دبلتها اسم زوجها، وكأنهما بذلك يريدان دوام العلاقة بينهما، وهذا نوع من الشرك؛ لأنهما اعتقدا سبباً لم يجعله الله سبباً لا قدراً ولا شرعاً، فما علاقة هذه الدبلة بالمودة أو المحبة، وكم من زوجين بدون دبلة وهما على أقوى ما يكون من المودة والمحبة، وكم من زوجين بينهما دبلة وهما في شقاء وعناء وتعب. فهي بهذه العقيدة الفاسدة نوع من الشرك، وبغير هذه العقيدة تشبه بغير المسلمين؛ لأن هذه الدبلة متلقاة من النصارى، وعلى هذا فالواجب على المؤمن أن يبتعد عن كل شيء يخل بدينه. أما لبس خاتم الفضة للرجل من حيث هو خاتم لا باعتقاد أنه دبلة تربط بين الزوج وزوجته، فإن هذا لا بأس به، لأن الخاتم من الفضة للرجال جائز، والخاتم من الذهب محرم على الرجال، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى خاتماً في يد أحد الصحابة رضي الله عنهم فطرحه وقال: "يعمد أحدكم إلى جمرة من النار فيضعها في يده". * * * رسالة بسم الله الرحمن الرحيم فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: لقد شاهدت في بعض محلات الذهب في مدينة... انتشار قطع ذهبية تحمل صوراً لعيسى عليه الصلاة والسلام وأمه مريم كما يدعي النصارى، وأيضاً قطعاً ذهبية يوجد عليها رسوم للأبراج (العقرب، السنبلة، الثور...) وأخرى على شكل قارورة عليها كلمة إنجليزية تعني نوع من أنواع الخمور. وعندما حاولتُ نصح أصحاب المحلات قال لي بعضهم: إنهم يبيعونها على النصارى فقط، والبعض الآخر ادعى أن الصور ليست لعيسى عليه الصلاة والسلام ومريم، آملاً من فضيلتكم كتابة رأيكم في بيع هذه الأشياء وتوجيههم. وجزاكم الله خيراً ورفع درجاتكم في المهديين. بسم الله الرحمن الرحيم وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته: بيع القطع التي عليها صورة عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام أو أمه مريم (كما يزعمون) محرم، سواء بيعت على المسلمين أم على النصارى، أما بيعها على المسلمين فتحريمه ظاهر، وأما على النصارى فلأنه مداهنة لهم على الكفر، وإشارة إلى رضا ما هم عليه، ومداهنة النصارى وغيرهم بموافقتهم على ما يرونه شعاراً لدينهم محرمة بلا شك، فعلى المؤمن أن يكره ما يكرهه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم من أعمال وعقائد وغيرها، ليحقق موالاة الله ورسوله. فتحريم بيع القطع التي عليها صور عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام أو صورة أمه مريم لوجهين: الأول: أنه شعار ديني للنصارى. والثاني: أنه صور مجسمة. وإذا كانت الصور لغير عيسى عليه الصلاة والسلام وأمه كانت محرمة لوجه واحد وهو أنها مجسمة. وكذلك القطع التي عليها صور البروج؛ لأنهم يتفاءلون بها، أو يتشاءمون، وهذا من أعمال الجاهلية، وفيه نوع من الشرك. وكذلك شكل القارورة التي كتب عليها اسم نوع من الخمر، لأن ذلك دعاية لهذا النوع من الخمر، ويستلزم التهاون بالخمر واستساغته فالله الهادي. كتبه محمد الصالح العثيمين في 91/4/9141هـ. 36 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: عن الحكمة في تحريم لبس الذهب على الرجال؟ فأجاب فضيلته بقوله: اعلم أيها السائل، وليعلم كل من يطلع على هذا الجواب أن العلة في الأحكام الشرعية لكل مؤمن، هي قول الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: ونقول ـ بعد ذلك ـ في الجواب على السؤال: إنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم تحريم لبس الذهب على الذكور دون الإناث، ووجه ذلك أن الذهب من أغلى ما يتجمل به الإنسان ويتزين به فهو زينة وحلية، والرجل ليس مقصوداً لهذا الأمر، أي ليس إنساناً يتكمّل بغيره أو يكمل بغيره، بل الرجل كامل بنفسه لما فيه من الرجولة، ولأنه ليس بحاجة إلى أن يتزين لشخص آخر تتعلق به رغبته، بخلاف المرأة، فإن المرأة ناقصة تحتاج إلى تكميل بجمالها، ولأنها محتاجة إلى التجمل بأغلى أنواع الحلي، حتى يكون ذلك مدعاة للعشرة بينها وبين زوجها؛ فلهذا أبيح للمرأة أن تتحلى بالذهب دون الرجل، قال الله تعالى في وصف المرأة: وبهذا المناسبة أوجه نصيحة إلى هؤلاء الذين ابتُلوا من الرجال بالتحلي بالذهب، فإنهم بذلك قد عصوا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وألحقوا أنفسهم بمصاف الإناث، وصاروا يضعون في أيديهم جمرة من النار يتحلون بها، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، فعليهم أن يتوبوا إلى الله سبحانه وتعالى، وإذا شاءوا أن يتحلوا بالفضة في الحدود الشرعية فلا حرج في ذلك، وكذلك بغير الذهب من المعادن لا حرج عليهم أن يلبسوا خواتم منه إذا لم يصل ذلك إلى حد السرف. 46 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: عن حكم لبس الرجل الذهب؟ فأجاب فضيلته بقوله: لبس الذهب حرام على الرجال، سواء كان خاتماً، أو أزراراً، أو سلسلة يضعها في عنقه، أو غير ذلك، لأن مقتضى الرجولة أن يكون الرجل كاملاً برجولته، لا بما ينشأ به من الحلي ولباس الحرير ونحو ذلك مما لا يليق إلا بالنساء، قال الله تعالى: { والدليل على تحريم الذهب على الرجال: أولاً: ما ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى خاتماً من ذهب في يد رجل فنزعه وطرحه وقال: "يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده". فقيل للرجل بعدما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ خاتمك انتفع به، فقال: لا والله لا آخذه وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثانياً: عن أبي أمامة الباهلي ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس حريراً ولا ذهباً". رواه الإمام أحمد، ورواته ثقات. ثالثاً: عن عبدالله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من مات من أمتي وهو يتحلى بالذهب حرم الله عليه لباسه في الجنة". رواه الطبراني ورواه الإمام أحمد ورواته ثقات. رابعاً: عن أبي سعيد ـ رضي الله عنه ـ أن رجلاً قدم من نجران إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من ذهب، فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: "إنك جئتني وفي يدك جمرة من نار". رواه النسائي. خامساً: وعن البراء بن عازب ـ رضي الله عنه ـ قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبع: "نهى عن خاتم الذهب". الحديث رواه البخاري. سادساً: وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن خاتم الذهب. رواه البخاري أيضاً. سابعاً: عن عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس خاتماً من ذهب فنبذه، فقال: "لا ألبسه أبداً" فنبذ الناس خواتيمهم. رواه البخاري. ثامناً: ما نقله في فتح الباري شرح صحيح البخاري، قال: وقد أخرج أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن حبان والحاكم، عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حريراً وذهباً فقال: "هذان حرامان على ذكور أمتي، حلٌّ لإناثهم". فهذه الأحاديث صريحة وظاهرة في تحريم خاتم الذهب على الذكور لمجرد اللبس، فإن اقترن بذلك اعتقاد فاسد كان أشد وأقبح، مثل الذين يلبسون ما يُسمى بـ(الدبلة) ويكتبون عليه اسم الزوجة، وتلبس الزوجة مثله مكتوباً عليه اسم الزوج، يزعمون أنه سبب للارتباط بين الزوجين، وهذه بلا شك عقيدة فاسدة، وخيال لا حقيقة له؛ فأي ارتباط وأي صلة بين هذه الدبلة وبين بقاء الزوجية وحصول المودة بين الزوجين؟ وكم من شخص تبادل الدبلة بينه وبين زوجته، فانفصمت عرى الصلات بينهما، وكم من شخص لا يعرف الدبلة وكان بينه وبين زوجته أقوى الصلات والروابط. فعلى المرء أن يُحكِّم عقله وألا يكون منجرفاً تحت وطأة التقليد الأعمى الضار في دينه وعقله وتصرفه، فإني أظن أن أصل هذه الدبلة مأخوذ من الكفار، فيكون فيه قبح ثالث، وهو قبح التشبه بالكافرين، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من تشبه بقوم فهو منهم" أسأل الله أن يعصمنا وإياكم من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأن يتولانا في الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم. * * * 56 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: عن حكم لبس الساعة المطلية بالذهب الأبيض؟ فأجاب فضيلته بقوله: الساعة المطلية بالذهب للنساء لا بأس بها، وأما للرجال فحرام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الذهب على ذكور أمته. وأما قول السائل الذهب الأبيض فلا نعلم أن هناك ذهباً أبيض، الذهب كله أحمر، لكن إن كان قصده بالذهب الأبيض الفضة، فإن الفضة ليست من الذهب، ويجوز منها ما لا يجوز من الذهب كالخاتم ونحوه. * * * 66 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: عن حكم تركيب الأسنان الذهبية؟ فأجاب فضيلته بقوله: الأسنان الذهبية لا يجوز تركيبها للرجال إلا لضرورة، لأن الرجل يحرم عليه لبس الذهب والتحلي به، وأما للمرأة فإذا جرت عادة النساء بأن تتحلى بأسنان الذهب فلا حرج عليها في ذلك، فلها أن تكسو أسنانها ذهباً إذا كان هذا مما جرت العادة بالتجمل به، ولم يكن إسرافاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "أحل الذهب والحرير لإناث أمتي". وإذا ماتت المرأة في هذه الحال أو مات الرجل وعليه سن ذهب قد لبسه للضرورة فإنه يخلع إلا إذا خُشي المثلة، يعني خشي أن تتمزق اللثة فإنه يبقى؛ وذلك أن الذهب يعتبر من المال، والمال يرثه الورثة من بعد الميت فإبقاؤه على الميت ودفنه إضاعة للمال. * * * 76 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: عن حكم طلاء الأسنان بالذهب لإزالة التسوس؟ وعن حكم ملء الفراغ بأسنان الذهب؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا لم يمكن إزالة السوس إلا بكسائها بالذهب فلا بأس بذلك، وإن كان يمكن بدون الذهب فلا يجوز. وأما ملء الفراغ بأسنان الذهب فلا يجوز إلا بشرطين: الأول: أن لا يمكن ملؤها بشيء غير الذهب. الثاني: أن يكون في الفراغ تشويه للفم. * * * 86 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل التختم للرجال سنة؟ فأجاب فضيلته بقوله: التختم ليس بسنة مطلوبة بحيث يطلب من كل إنسان أن يتختم، ولكن إذا احتاج إليه، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لما قيل له: إن الملوك الذين يريد أن يكتب إليهم لا يقبلون كتاباً إلا مختوماً اتخذ الخاتم من أجل أن تختم به الكتب التي يرسلها إليهم، فمن كان محتاجاً إلى ذلك كالأمير والقاضي ونحوهما كان اتخاذه اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن لم يكن محتاجاً إلى ذلك لم يكن لبسه في حقه سنة، بل هو من الشيء المباح، فإن لم يكن في لبسه محذور فلا بأس به، وإن كان في لبسه محذور كان له حكم ذلك المحذور، وليعلم أنه لا يحل للذكور التختم بالذهب؛ لأنه ثبت النهي عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. * * * 96 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: إذا توفي إنسان وكان أحد أسنانه من ذهب هل يترك هذا السن أو يخلع؟ وإذا كان هذا الخلع يترتب عليه مضرة لبقية الأسنان فما الحكم؟ وهل ورد نص في ذلك؟ فأجاب فضيلته بقوله: أولاً: يجب أن نعلم أن السن الذهب لا يجوز أن يركب إلا عند الحاجة إليه، فلا يجوز أن يركبه أحد للزينة، اللهم إلا النساء إذا جرت عادتهن التزين بتحلية الأسنان بالذهب فلا بأس، أما الرجال فلا يجوز أبداً إلا لحاجة. ثانياً: إذا مات من عليه أسنان من ذهب فإن كان يمكن خلع السن بدون مُثلة خُلع، لأن ملكه انتقل إلى الورثة، وإن كان لا يمكن خلعه لا بمُثلة بحيث تسقط بقية الأسنان فإنه يبقى ويدفن معه. ثم إن كان الوارث بالغاً عاقلاً رشيداً وسمح بذلك تُرك ولم يتعرض له، وإلا فقد قال العلماء: إنه إذا ظن أن الميت بَلي حُفر القبر وأُخذ السن لأن بقاءه إضاعة مال. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال. * * * 07 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل من السنة لبس الخاتم من الفضة في الخنصر أو البنصر أفتونا مأجورين؟ فأجاب فضيلته بقوله: الخنصر والبنصر سواء، ولا بأس أن يلبس في هذا أو ذاك، ولكن هل من السنة لبس الخاتم؟ في هذا خلاف بين العلماء، من العلماء من قال: إنه سنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لبس الخاتم، ولبسه الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أيضاً، ولكن بشرط ألا يكون من الذهب إذا كان للرجال. ومنهم من قال: إنه سنة لذي السلطان، كالحاكم، والقاضي والمفتي وما أشبه ذلك، وأما سائر الناس فليس لهم بسنة، ولكنه لا نهي فيه. * * * 17 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما حكم استعمال النظارات أو الأواني الملونة بلون الذهب؟ فأجاب فضيلته بقوله: الأواني المطلية بالذهب إن كان يجتمع من هذا الذهب شيء إذا عُرض على النار، يعني إذا قال الصائغ: هذا الذهب لو عرض على النار لاجتمع منه شيء فإن المطلي بها محرم؛ لأنه استعمال الذهب حقيقة، وأما إذا كان مجرد لون فإنه لا بأس به، أي لا بأس أن يأكل ويشرب بها، لكن الأفضل ترك ذلك؛ لأن من نظر إليه وهو يأكل فقد يسيء به الظن، ويقول: هذا الرجل يأكل بآنية الذهب. ومن نظر إليه فقد يظن ذلك ذهباً خالصاً فيقتدي به، وفي الأواني الكثيرة المنوعة ما يكفي عن استعمال مثل هذه الأواني، وكذلك يقال في النظارات. * * * 27 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل وضع الدبلة في الأصبع بدعة، حتى ولو كانت من الفضة وبخاصة في حالة الزواج؟ فأجاب فضيلته بقوله: الذي أراه أن وضع الدبلة أقل أحواله الكراهة؛ لأنها مأخوذة من غير المسلمين، وعلى كل حال الإنسان المسلم يجب أن يرفع بنفسه عن تقليد غيره في مثل هذه الأمور، وإن صحب ذلك اعتقاد كما يعتقده بعض الناس في الدبلة أنها سبب للارتباط بينه وبين زوجته كان ذلك أشد وأعظم، لأن هذا لا يؤثر في العلاقة بين الزوج وزوجته. وقد نرى من يلبس الدبلة للارتباط بينه وبين زوجته، ولكن بينهما من التفرق والشقاق ما لا يحصل ممن لم يلبس هذه الدبلة، فهناك كثير من الناس لا يلبسها ومع ذلك أحوالهم سائرة مع زوجاتهم. * * * 37 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: لدي ساعة يدوية مطلية بماء الذهب، فهل يجوز لي لبسها أو استعمالها؟ فأجاب فضيلته بقوله: من المعلوم أن لبس الذهب حرام على الرجال، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً وفي يده خاتم من ذهب فنزعه النبي صلى الله عليه وسلم من يده وطرحه وقال: "يعمد أحدكم إلى جمرة من نار ويضعها في يده". فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم قيل للرجل: خذ خاتمك وانتفع به، قال: والله لا آخذ خاتماً طرحه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال النبي عليه الصلاة والسلام في الذهب والحرير: "هذان حرام على ذكور أمتي حل لإناثها". فلا يجوز للرجل أن يلبس أي شيء من الذهب لا خاتماً ولا زراراً ولا غيره، والساعة من هذا النوع إذا كانت ذهباً، أما إذا كانت طلاء أو كانت عقاربها من ذهب أو فيها حبات من ذهب يسيرة، فإن ذلك جائز لكن مع هذا لا نشير على الرجل أن يلبسها ـ أعني الساعة المطلية بالذهب ـ لأن الناس يجهلون أن هذا طلاء أو أن يكون خلطاً في مادة هذه الساعة، ويسيئون الظن بهذا الإنسان، وقد يقتدون به إذا كان من الناس الذين يقتدى بهم، فيلبسون الذهب الخالص أو المخالط. ونصيحتي ألا يلبس الرجال مثل هذا الساعات المطلية وإن كانت حلالاً، وفي الحلال الواضح الذي لا لبس فيه غنية عن هذا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه". ولكن إذا كان الطلاء خلطاً من الذهب لا مجرد لون فالأقرب التحريم. * * * 47 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: يوجد في الأسواق نوع من الساعات تحمل إشارة الصليب فهل استعمالها مباح أم لا؟ فأجاب فضيلته بقوله: ينبغي أن يعرف أن الصليب كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكسره ويزيله عليه الصلاة والسلام، فإذا كان الصليب مجسماً وجب كسره، وإذا كان بتلوين كما في بعض الساعات فإنه يطمس، بأن يوضع عليه لون يزيل صورته حتى لا يبقى في الساعات شيء منه، ولا ينبغي للإنسان أن يحمل في يده ما فيه شعار النصارى، ما هو ظاهر به التعظيم في وضعه مثل الساعة أو بعض الآلات. وأما ما هو شعار الشركة فنقول: إنه ظاهر الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا فرق بين أن يضع الصليب من أجل تعظيمه والإشارة إلى كونه شعار النصارى، وبين أن يكون لمجرد الدلالة لهذه الشركة أو هذا المصنع. والمسلم يجب عليه أن يبتعد كثيراً عما يكون في شعار غير المسلمين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "من تشبه بقوم فهو منهم". أما ما ظهر منه أنه لا يراد به الصليب لا تعظيماً ولا بكونه شعاراً مثل بعض العلامات الحسابية، أو بعض ما يظهر بالساعات الألكترونية من علامة زائد، فإن هذا لا بأس به، ولا يعد من الصلبان بشيء. * * * 57 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل يجوز للنساء التحلي بالذهب المحلق؟ فأجاب فضيلته بقوله: الصواب أن حلي الذهب حلال للنساء ما لم يكن محرماً لعارض: كالإسراف، وكونه على صور حيوان ونحوه، وهو قول جمهور أهل العلم، وحكاه بعضهم إجماعاً. * * * 67 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما حكم ثقب إذن البنت من أجل أن تتحلى بالذهب كالخرص؟ وهل في ذلك شيء من المثلة والتعذيب، كما قال بعض الفقهاء؟ وهل ينطبق ذلك على ثقب الأنف؟ فأجاب فضيلته بقوله: الصحيح أنه لا بأس به؛ لأن هذا من المقاصد التي يتوصل بها إلى التحلي المباح، وقد ثبت أن نساء الصحابة ـ رضي الله عنه ـ كان لهن أقراط يلبسنها في آذانهن، وهذا التعذيب تعذيب يسير، وإذا ثقبت في حال الصغر صار برؤه سريعاً. وينطبق ذلك على الأنف عند من يرى أنه مكان للزينة. * * * 77 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: بعض العلماء يقولون: إن الذهب الذي يستعمل للبس عليه زكاة، وبعضهم يقول عكس ذلك، فهل على الذهب المعد للبس زكاة؟ فأجاب فضيلته بقوله: ما ذكرته أيها الأخ صحيح، فقد اختلف أهل العلم في الذهب المعد للبس أو العارية دون الاستغلال بالتأجير أو الاكتساب بالربح: فمنهم من يرى أن الذهب تجب فيه الزكاة ولو كان معدًّا للبس، أو الاستعمال، أو العارية. ومنهم من يرى أنه لا تجب فيه الزكاة. والواجب في مثل هذه الحال الرجوع إلى ما دل عليه الكتاب والسنة، لقوله تعالى: ويدل لهذا القول الصحيح عموم قوله تعالى: وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت صفائح من نار، وأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه، وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار"، فقوله: "لا يؤدي منها حقها" عام في جميع الحقوق ومنها الزكاة. بل إنه ثبت في صحيح مسلم رواية أخرى: "لا يؤدي زكاته"، وعلى هذا فيكون العموم شاملاً لهذه المسألة، فإن من عندها حلي من الذهب فهي صاحبة ذهب بلا شك، وكذلك من عندها حلي من الفضة فهي صاحبة فضة بلا شك. ثم إن هناك أحاديث خاصة في الحلي، منها ما رواه عبدالله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال: "أتؤدين زكاة هذا؟" قالت: لا، قال: "أيسرك أن يسوِّرك الله بهما سوارين من نار؟" فخلعتهما وألقتهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت: "هما لله ورسوله". قال ابن حجر في بلوغ المرام: إن إسناده قوي، وكذلك صححه شيخنا عبدالعزيز بن عبدالله بن باز، وله شاهد من حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما. وعلى هذا فيكون الصواب هو قول من يرى الزكاة في الحلي، ولو كان معدًّا للاستعمال أو العارية. أما الذين قالوا: لا زكاة فيه فإنهم احتجوا بحديث لا يصح وهو ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس في الحلي زكاة"، وهذا الحديث لا يقولون به على سبيل الإطلاق، ولهذا تراهم إذا كان الحلي للنفقة أو الإجارة تراهم يوجبون فيه الزكاة، ولا يأخذون بعموم هذا الحديث، هذا لو صح، لكنه لا يصح. ويستدلون أيضاً بقياس الحلي على الثياب وما يحتاجه الإنسان لنفسه من سيارة ونحوها، ولكن هذا القياس ليس بصحيح، وذلك لأن الذهب والفضة الأصل فيهما الزكاة، فمن ادعى خروج شيء منهما عن الزكاة فعليه الدليل. أما الثياب والسيارة، وما إلى ذلك مما يعده الإنسان لحاجته فالأصل عدم الزكاة فيها، ولهذا لا تجب فيها الزكاة إلا إذا أعدت للتجارة، حتى لو أعدت للتأجير فإنه لا زكاة فيها، أي لو كان عنده ثياب يؤجرها فلا زكاة فيها، وكذلك لو كان عنده سيارة يعدها للإجارة فلا زكاة عليه في هذه السيارة. مع أن القائلين بعدم زكاة الحلي يقولون: إذا كان عنده حلي يعده للإجارة فالزكاة تجب فيه، وهذا مما لا شك فيه أنه ينتقض عليهم، إذ مقتضى القياس تساوي الأصل والفرع، ثم إن القائلين بعدم زكاة الحلي يقولون: لو كان عندها حلي للبس ثم نوتها للتجارة فإنه يكون للتجارة وتجب فيه الزكاة، ولو كان عندها ثياب للبس ثم نوتها للتجارة فإنها لا تكون للتجارة، وهذا أيضاً دليل على عدم صحة القياس، إذ مقتضى القياس تساوي الأصل والفرع، وأن الثياب المعدة للبس إذا نوتها للتجارة فيجب أن تكون فيها زكاة. فالمهم أن القياس ليس بصحيح، والحديث الذي يستدل به على عدم وجوب الزكاة في الحلي ليس بصحيح أيضاً. حينئذ فيجب أن نأخذ بالأصل وهو عموم الأحاديث الدالة على وجوب زكاة الذهب والفضة، ثم بالأحاديث الخاصة الموجبة لزكاة الحلي. ثم إن هناك أيضاً شيئاً ثالثاً وهو أنهم قالوا: إذا أعدت المرأة الحلي للنفقة وجبت فيه الزكاة، مع أنه لو كان عند الإنسان ثياب كثيرة يعدها للنفقة كلما احتاج باع وأنفق على نفسه فإنه لا زكاة فيها، فهذه ثلاثة أمثلة كلها تدل على أن قياس حلي الذهب على الثياب ونحوها غير صحيح، وإذا لم يصح القياس ولا الأثر لم يبق للقول بعدم وجوب الزكاة في الحلي دليل من أثر أو نظر. ثم إن إخراج الزكاة لا شك أنه هو الأحوط والأبرأ للذمة، والإنسان مأمور باتباع الأحوط إذا كان الاحتياط مبنيًّا على أصل. * * * 87 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: لقد علمنا من كتب الحنابلة أن الحلي عند استعمالها لا زكاة فيها، فما هي أدلتهم؟ وما هي أدلة القائلين بزكاة حلي الذهب المستعمل، وإذا ثبت أن فيها زكاة فما العمل في السنوات الماضية؟ وإذا كنت أملك حليًّا في الماضي ثم بعته فهل علّي أن أزكي عن تلك السنوات؟ وما حكم من لم يزكِّ عن الحلي بعد ثبوت الدين؟ فأجاب فضيلته بقوله: أهل العلم اختلفوا في زكاة الحلي: فمذهب أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ ورواية عن أحمد ـ رحمه الله ـ أنه تجب فيها الزكاة، وهذا عند كثير من أهل العلم هو الذي تدل عليه الأدلة الشرعية، منها عموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في الذهب والفضة، فإنه لم يستثن منها شيء، ومن المعلوم أن من تحلت بالذهب والفضة فإنها تكون صاحبة ذهب وفضة، فمن قال: إنها خارجة من العموم فإن كل إنسان يقول: إن فرداً من أفراد العموم خارج من العموم. فإن عليه أن يأتي بالدليل وحينئذ يكون مقبولاً. وحجة القائلين بالوجوب أيضاً أنه قد وردت أدلة خاصة في وجوب زكاة الحلي، فضلاً عن الأدلة العامة، منها حديث عبدالله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب ـ أي سواران ـ فقال: "أتؤدين زكاة هذا؟" قالت: لا، قال: "أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار" فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: "هما لله ورسوله"، قال الحافظ ابن حجر ـ وهو إمام وحجة في علم الحديث ـ قال في بلوغ المرام: أخرجه الثلاثة وإسناده قوي، وذكر له شاهدين من حديث عائشة وأم سلمة ـ رضي الله عنهما ـ قالوا: ولأن هذا هو الأحوط والإنسان مأمور بالاحتياط وإبراء الذمة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" ولقوله صلى الله عليه وسلم: "الحلال بيّن والحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات، لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه" وبراءة الإنسان لدينه وعرضه أمر مطلوب، وأما الذين يقولون بعدم وجوب الزكاة فإنهم استدلوا بحديث جابر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس في الحلي زكاة". ولكن هذا الحديث لا يصح مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كما قرر ذلك أهل العلم، وهو أيضاً لا يصح من حيث المتن، فإن إطلاقه يقتضي ألا زكاة مطلقاً في الحلي، وليس الأمر كذلك، حتى عند القائلين بعدم وجوب الزكاة. ومنها أنه مروي عن خمسة من الصحابة رضي الله عنهم، وقول الصحابي حجة على القول الراجح، ولكن الحقيقة أن قول الصحابي حجة إذا لم يعارضه النص أو يعارضه قول صحابي آخر، فإن عارضه النص وجب قبول النص، وإذا عارض قول الصحابي قول صحابي آخر وجب علينا أن نسلك طريق الترجيح، فمن ترجح قوله منهما بأي سبب من المرجحات المعلومة عند أهل العلم وجب اتباعه. واستدلوا أيضاً بالقياس على الثياب والقياس على الأمتعة والقياس على المركوبات، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة". قالوا: فلما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة" دل ذلك على أن ما اختص به الإنسان لنفسه ليس عليه فيه زكاة، فيدخل في ذلك الحلي، ولكننا نقول: إن الحديث "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة" إنما نفى النبي صلى الله عليه وسلم الصدقة عن شيء لا تجب الصدقة في جنسه، فإن العبد والفرس ليس فيهما زكاة أصلاً، ولا زكاة فيهما إلا إذا أعدا للتجارة وكانا من عروض التجارة، أما الذهب والفضة فإن الزكاة تجب في أعيانهما وفرق بين الأمرين، وقد ذكر أهل الأصول أنه لا يصح القياس، إلا إذا تساوى الأصل والفرع في العلة، قالوا أيضاً: ولأن الإنسان إذا أعد لنفسه ثياباً يلبسها أو شماغاً يلبسه أو مشلحاً يلبسه فإنه لا زكاة فيه، فهذا مثله. والجواب على ذلك ما سبق من أن هذا القياس لا يصح، ولذلك لو أن الإنسان أعد ثيابه وأمتعته للنفقة فقط كلما احتاج باع منها وأنفق فإن الزكاة لا تجب فيها، والذين يقولون لا تجب الزكاة في الحلي يقولون: إنه إذا أعد للنفقة، بحيث إذا احتاجت المرأة باعت وأنفقت على نفسها. قالوا: إن الزكاة تجب فيه، وحينئذ يعرف الفرق بين الأمرين، ولا يصح قياس أحدهما على الآخر، وبهذه الوجوه التي ذكرتها يتبين للإنسان الذي عنده علم أي القولين أولى بالترجيح والاتباع، ونسأل الله تعالى أن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يجعلنا ممن يرى الحق حقًّا ويرزقنا اتباعه. وإني ضارب لكم مثلاً: امرأة عندها حلي تلبسه وتتجمل به وهي غنية جداً، لا تعد هذا الحلي للنفقة، وإنما تعده للتزين والتجمل، وامرأة أخرى فقيرة عندها حلي، ولكنها تحتاجها للنفقة كلما احتاجت أنفقت، الأخيرة، يقول هؤلاء: إن عليها الزكاة في حليها والأولى يقولون: أنه لا زكاة عليها في حليها، مع أن النظر يقتضي أن الأولى هي التي يجب عليها زكاة الحلي لأنها هي الغنية، والثانية هي التي لا يجب عليها الحلي؛ لأنها إنما اتخذت الحلي للحاجة لا للتزين، ومع ذلك الأدلة تدل على وجوب الزكاة على هذه وعلى هذه، كما تقرر، والله أعلم. * * * 97 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل الحلي من الذهب المعد للبس عليه زكاة؟ وما مقدارها؟ فأجاب فضيلته بقوله: الحلي المعد للبس فيه زكاة، والدليل من القرآن والسنة، فمن القرآن قوله تعالى: والمرأة التي لها حلي هي صاحبة ذلك بلا شك، بل في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص: أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال لها: "أتؤدين زكاة هذا؟" قالت: لا، قال: "أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار؟" فخلعتهما وألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: "هما لله ورسوله"، وهذا نص صريح في وجوب الزكاة في الحلي، وهذا الحديث يقول فيه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام: (إن إسناده قوي، وله شاهد من حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما) وإذا كان سنده قويًّا وله شواهد تعضده، وعمومات أخرى في الصحيحين بل في القرآن تعضده، لم يبق إشكال في وجوب زكاة الحلي. فإن قلت: إن بعض العلماء يقول: إنه لا زكاة في الحلي، قلتُ لك: وبعض العلماء يقول: إن في الحلي زكاة، وإذا اختلف العلماء فالمرد إلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، والرب عز وجل يقول: قد يقول قائل: مذهب الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ أن الزكاة في الحلي لا تجب إلا إذا أعد للأجرة، أو للنفقة، أو كان محرماً، فنقول: ومذهب أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ أن الزكاة واجبة في الحلي بكل حال، ونحن غير ملزمين باتباع الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ ولا باتباع أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ وإنما نحن ملزمون باتباع كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإذا دل الكتاب والسنة على أن مذهب أبي حنيفة أصح من مذهب الإمام أحمد في هذا وجب علينا أن نأخذ بمذهب أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ ثم نقول: إن عن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ رواية أخرى في وجوب زكاة الحلي توافق مذهب أبي حنيفة، وحينئذ لا يكون هذا متمحضاً مذهباً للإمام أحمد، بل هو نصف مذهب، لأن في ذلك روايتين عنه. فإذا قال قائل: أليس الحلي ملبوساً تستعمله المرأة، كما تستعمل الثوب الملبوس؟ فالجواب: نعم هو كذلك، لكن أصل الذهب والفضة تجب فيها الزكاة، وأصل الثياب لا تجب فيها الزكاة، سواء مصنوعة من القطن، أو من البلاستيك، أو من أي شيء آخر. ثم نقول: قياسكم هذا متناقض، بل هو قياس فاسد في الواقع، وكونه فاسداً لأنه مخالف للنص، والقياس في مقابلة النص فاسد الاعتبار، كما نص على ذلك أهل الأصول، وكذلك فهو قياس متناقض كيف ذلك؟ نقول لهم: ما تقولون فيما لو أعدت المرأة ثياباً للأجرة هل فيها زكاة أم لا؟ سيقولون: ليس فيها زكاة، وإذا أعدت المرأة حليًّا للأجرة هل فيه زكاة أو لا؟ سيقولون: فيه الزكاة، إذن أين القياس؟ لو كان القياس صحيحاً لقلنا إذا وجبت الزكاة في الحلي المعد للأجرة فلتجب في الثياب المعدة للأجرة، وإذا لم تجب في الثياب المعدة للأجرة فلتكن غير واجبة في الحلي المعد للأجرة. فإن قلتم: تجب في الحلي المعد للأجرة، ولا تجب في الثياب المعدة للأجرة، وقعتم في التناقض، والتناقض دليل البطلان. ثانياً: نقول لهم: ماذا تقولون في امرأة عندها ثياب أعدتها للبس، ثم بعد ذلك أعدتها للتجارة؟ هل تنقلب للتجارة؟ سيقولون: لا. ماذا تقولون في امرأة عندها حلي أعدته للبس ثم بعد ذلك أعدته للتجارة؟ هل يكون للتجارة؟ سيقولون: نعم. إذن هذا تناقض آخر. ثالثاً: نقول لهم: ما تقولون في امرأة عندها ثياب محرمة تستعملها، مثل ثياب فيها صور تلبسها، وعندها حلي محرم تستعمله، كالحلي الذي على صورة الثعبان مثلاً، هل في الحلي الذي على صورة الثعبان زكاة؟ سيقولون: نعم، وهل في الثياب المحرمة التي فيها الصورة زكاة؟ سيقولون: لا. إذن هذا تناقض، فأين القياس بين شيئين متناقضين في الأحكام. رابعاً: ثم نقول لهم أيضاً: ما تقولون في امرأة عندها مئة ثوب كل ثوب يساوي مئة ريال، فإذا قيل لها لماذا يوجد عندك المئة ثوب وكل ثوب يساوي مائة ريال؟ قالت: أريد أن تكون هذه الثياب للنفقة، كلما احتجت بعت ثوباً وأنفقت، هل في هذه الثياب زكاة أم لا؟ سيقولون: ليس فيها زكاة. وماذا تقولون في امرأة عندها حلي مئة قطعة، كل قطعة بمئة ريال، وإذا قيل لها لماذا هكذا؟ قالت: أعددتها للنفقة، كلما احتجت دراهم بعت قطعة من الذهب، وأنفقتها، نقول لهم: هل في هذه الحلي زكاة أم لا؟ سيقولون: نعم. والثياب ليس فيها زكاة فهذا تناقض. خامساً: ثم نقول: المرأة التي أعدت الحلي للبس هل اللبس كمالي، أو ضروري؟ الزائد على ما يلبسه مثلها كمالي، والنفقة ضرورية، فكيف تقولون: الحلي إذا كان يلبس على سبيل التجمل والزينة ليس فيه زكاة، وإذا كان معدًّا للنفقة ففيه الزكاة؟ أليس الأولى أن يكون المعد للبس هو الذي فيه الزكاة، والمعد للنفقة هو الذي ليس فيه الزكاة؛ لأنه ضروري. وهم لا يقولون بذلك. وبهذا تبين أن القول بعدم وجوب الزكاة في الحلي قول متناقض، مع أن النصوص ترده، والواجب على الإنسان أن يقول فيما يبلغه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم: سمعنا وأطعنا، وألا يبخل فيما آتاه الله تعالى من فضله بحجة أن فلاناً يقول بعدم وجوب الزكاة مثلاً. يقول بعض الناس: عندنا حديث يهدم كل ما قلت، فأقول: إذا جئت بحديث صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم تقول أنت بموجبه، أو لا تقول بموجبه فعلى العين والرأس، فأنا مستسلم لما دل عليه الكتاب والسنة، قال: يروى عن جابر ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ليس في الحلي زكاة"، فنقول: أولاً: هذا الحديث لا يصح، وإذا لم يصح فلا يمكن أن يعارض الأحاديث الصحيحة. ثانياً: على تقدير صحته هل أنت تقول بعمومه؟ أي أن جميع الحلي ليس فيها زكاة؟ إن قال: نعم. قلنا هذا غير صحيح، وإن قال: لا. قلنا له: لم تأخذ بدلالة الحديث، لأنه يقول: الحلي إذا أعد للكراء أو النفقة أو كان محرماً ففيه الزكاة، فلم يأخذ بدلالة الحديث، والحديث عام "ليس في الحلي زكاة" وإن كنت لا تقول بموجبه، فكيف تجعله حجة لك فيما تذهب إليه، ولا تجعله لك حجة في الأمر الآخر المخالف لك؟ ثم نقول: لو صح هذا الحديث، فإنه يمكن أن يجمع بينه وبين الأحاديث الموجبة للزكاة، بأن يقال ليس في الحلي الذي لا يبلغ النصاب زكاة، وهذا صحيح، فالحلي الذي لا يبلغ النصاب ليس فيه زكاة. والنصاب خمسة وثمانون غراماً، فما دون ذلك ليس فيه زكاة، وما بلغ خمسة وثمانين غراماً ففيه الزكاة، ولكن كيف نزكيه؟ نقدر قيمته ونأخذ ربع عشر القيمة، وكيفية ذلك أن نقسم القيمة على أربعين، فما خرج بالقسمة فهو الزكاة، فإذا كان الحلي يساوي أربعين ألفاً، ففيه ألف ريال، وإذا كان الحلي يساوي أربعمائة ألف ريال، ففيه عشرة آلاف ريال، وعلى هذا فقس. مسألة مهمة لتجار الذهب: وهنا مسألة أحب أن أنبه عليها وهي خاصة بتجار الذهب الذين يذهب الناس بحليهم إليهم ليقدروا زكاتها، فبعض التجار يقدرون قيمة الذهب، ثم يقولون الزكاة فيها كذا وكذا، ولا ينظرون إلى زنة الذهب، لأنه يجب أولاً أن تزن الذهب، وننظر هل يبلغ النصاب أو لا؟ فإذا كان لا يبلغ النصاب فليس عليه زكاة، فهم يعتبرون القيمة ـ على حسب ما بلغني من بعض الناس ـ فيقولون قيمته كذا وزكاته كذا. ولنضرب لذلك مثالاً: امرأة عندها حلي يبلغ ثمانين غراماً ولكون الذهب غالياً قيمته تبلغ أربعين ألفاً مثلاً، ففي هذه الحالة فإنه ليس فيه زكاة، لأنه لا يبلغ النصاب. يقول لي بعض الناس: إن التجار إذا كان يبلغ أربعين ألفاً ولو كان دون النصاب قالوا فيه الزكاة. فأرجو أن تنبهوا الصاغة أو التجار لهذه المسألة. فلو قال قائل: امرأة عندها نصف نصاب من الذهب، وعندها دراهم تبلغ نصف نصاب، فهل يضاف بعضه إلى بعض ليكمل النصاب؟ الصحيح أنه لا يكمل نصاب الذهب من الفضة ولا نصاب الفضة من الذهب؛ لاختلاف الجنسين، والنصوص وردت مقدرة نصاب كل واحد على حدة، وكما أننا لا نضم البر إلى الشعير في تكميل النصاب، فكذلك لا نضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب، فإذا كان عند المرأة حلي يبلغ نصف نصاب وعندها دراهم تبلغ نصف نصاب، فليس عليها زكاة لا في الدراهم، ولا في الحلي، لعدم استكمال النصاب فيهما. * * * 08 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: ما هو حد النصاب الواجب دفع الزكاة عنه بالنسبة للذهب؟ وهل كل الذهب واجبة فيه الزكاة، سواء كان للزينة أو توفيراً للمال؟ فأجاب فضيلته بقوله: نصاب الذهب خمسة وثمانون جراماً، أي ما يعادل أحد عشر جنيهاً سعوديًّا وثلاثة أسباع الجنيه، هكذا حررناه، وعلى هذا فإذا كان عند الإنسان ما يبلغ هذا من الذهب وجبت عليه الزكاة، وإذا كان عنده دون ذلك فإنه لا زكاة عليه، إلا إذا كان قد أعده للتجارة والتكسب فإنه يُقوَّم بالدراهم، فإذا بلغ نصاباً بالدراهم وجبت زكاته، وإن لم يبلغ هذا المقدار من الذهب. أما حلي المرأة الذي تعده للاستعمال أو للعارية أو للحاجة بعد سنة أو سنتين، فإنه تجب فيه الزكاة على القول الراجح، وذلك لعموم الأدلة التي توجب الزكاة على من عنده ذهب أو فضة كما في صحيح مسلم: "ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها ـ وفي لفظ ـ: لا يؤدي زكاتها، إلا إذا كان يوم القيامة أحمي عليها في نار جهنم". إلى آخر الحديث، فإن قوله: "ما من صاحب ذهب ولا فضة" شامل. ووردت أحاديث خاصة في الحلي، كالحديث الذي رواه عبدالله بن عمرو بن العاص ـ رضي الله عنهما ـ أن امرأة أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لها: "أتؤدين زكاة هذا؟" قالت: لا، قال: "أيسرك أن يسوِّرك الله بهما سوارين من نار؟" فخلعتهما وألقتهما إليه صلى الله عليه وسلم، وله شاهد من حديث عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما. وقد قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ في بلوغ المرام عن الحديث الأول: إن إسناده قوي، فإذا كان قويًّا وله شواهد وعمومات تعضده تعين القول به. وأما قياس حلي المرأة مع اللباس فهو قياس مع الفارق؛ لأن اللباس الأصل فيه عدم الزكاة، فإذا لم يتخذ عروض تجارة فلا زكاة فيه، وأما الذهب والفضة فإن الأصل فيهما الزكاة فمن أخرج منها شيئاً عن الزكاة فعليه الدليل، ولا نعلم دليلاً مستقيماً للذين أسقطوا زكاة الحلي. والواجب على المرء أن يحتاط لدينه، ويحمد الله عز وجل الذي مَنّ عليه بنعم قد حُرمها كثير من الناس، وإذا كان الذين لا يوجبون الزكاة في الحلي يوجبونها إذا أعد للنفقة ولو كانت النفقة لقمة العيش، مع أن لقمة العيش من باب الضرورات، فلماذا لا يوجبونها فيه إذا أعد للتجمل والكماليات؟ ولهذا كان القياس المستقيم مع الأثر الصحيح يدل على وجوب الزكاة ولو كانت تلبسه النساء، وهذا القول هو مذهب الإمام أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ ورواية عن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ وقول كثير من أهل العلم من السلف والخلف. * * * 18 سئل فضيلة الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ: هل زكاة الحلي تكون بسعر الشراء أم بسعره كل عام وقت إخراج زكاته؟ فأجاب فضيلته بقوله: زكاة الحلي تجب كل سنة ولا تكون بسعر الشراء، وإنما تكون بسعره عند تمام الحول، فإذا قدر أن المرأة اشترت ذهباً بعشرة آلاف ريال، ولما دار عليه الحول صار لا يساوي إلا خمسة آلاف ريال، فإنها لا تزكي إلا خمسة آلاف ريال فقط، والعكس بالعكس، فإذا اشترت ذهباً بخمسة آلاف ريال، وصار عند تمام الحول يساوي عشرة آلاف ريال فإنها تزكي عشرة آلاف ريال، لأن ذلك هو وقت الوجوب. والله الموفق.
* * *
|